الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{فاستحبوا العمى عَلَى الهدى} فاختاروا الكفر على الإيمان.{فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ} مهلكة.{العذاب الهون} أي الهوان، ومجازه: ذي هون.{بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَنَجَّيْنَا الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ وَيَوْمَ يُحْشَرُ} يبعث ويجمع، وقرأ نافع ويعقوب {نَحْشُرُ} بنون مفتوحة وضم الشين.{أَعْدَاءُ الله} نصبًا.{إِلَى النار فَهُمْ يُوزَعُونَ} يساقون ويدفعون إلى النّار، وقال قتادة والسدي: يحبس أولهم على آخرهم.{حتى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم} أي بشراتهم.{بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وقال السدي وعبيد الله ابن أبي جعفر: أراد بالجلود الفروج.وأنشد بعض الأدباء لعامر بن جوين:
وقال: جلده كناية عن فرجه.{وَقَالُواْ} يعني الكفّار الّذين يحشرون إلى النّار.{لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} حدثنا عقيل بن محمّد: إنّ أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمّد بن جرير، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، أخبرنا علي بن قادم الفزاري، أخبرنا شريك، عن عبيد المكيت، عن الشعبي، عن أنس، قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتّى بدت نواجذه، ثمّ قال: «ألاّ تسألوني مِمَّ ضحكت» قالوا: مم ضحكت يارسول الله؟ قال: «عجبت من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة، قال: يقول يا ربّ أليس وعدتني أن لا تظلمني؟ قال: فإنّ لك ذاك. قال: فإنّي لا أقبل عليّ شاهدًا، إلاّ من نفسي. قال: أوَ ليس كفى بيّ شهيدًا، وبالملائكة الكرام الكاتبين؟ قال: فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل» قال: «فيقول لهنّ بُعدًا لَكُنّ وسحقًا عنكنّ كنت أجادل».قال الله تعالى: {وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ} أي تستخفون في قول أكثر المفسرين، وقال مجاهد: تتقون. قتادة: تظنون.{أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} أخبرنا الحسين بن محمّد ابن فنجويه، حدثنا هارون بن محمد بن هارون وعبد الله بن عبد الرّحمن الوراق، قالا: حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن كثير وأبو حذيفة، قالا: حدثنا سفيان عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن وهب بن ربيعة، عن ابن مسعود، قال: إنّي لمستتر بأستارِ الكعبة، إذ جاء ثلاثة نفر، ثقفي وختناه قريشيان، كثير شحم بطونهم، قليل فقههم، فحدّثوا الحديث بينهم، فقال أحدهم: أترى يسمع ما قلنا؟ فقال الآخر: إذا رفعنا يسمع، وإذا خفضنا لم يسمع، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا رفعنا فإنّه يسمع إذا خفضنا. فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ}.. إلى قوله: {فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الخاسرين} والثقفي عبد ياليل وختناه القريشيان ربيعة وصفوان بن أمية.{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الذي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} أهلككم.{فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الخاسرين} قال قتادة: الظنّ هاهنا بمعنى العلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يموتنّ أحدكم، إلاّ وهو يحسن الظنّ بالله، وإنّ قومًا أساءوا الظنّ بربّهم فأهلكهم» فذلك قوله: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الذي ظَنَنتُم}.. الآية.أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه الدينوري، حدثنا عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي، حدثنا عبد الله بن العباس الطيالسي، حدثنا أحمد بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزياد عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظنّ عبدي بيّ، وأنا معه حين يذكرني».وقال قتادة: من استطاع منكم أن يموت وهو حسن الظنّ بربّه فليفعل، فإنّ الظنّ إثنان: ظنّ ينجي، وظنّ يردي، وقال محمّد بن حازم الباهلي: {فَإِن يَصْبِرُواْ فالنار مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ} يسترضوا ويطلبوا العتبى.{فَمَا هُم مِّنَ المعتبين} المرضيين، والمعتّب الّذي قَبل عتابة وأجيب إلى ما يسأل، وقرأ عبيد بن عمير {وإن تُستعتبوا} على لفظ المجهول {فَمَا هُم مِّنَ المعتبين} بكسر التاء، يعني إن سألوا أن يعملوا ما يرضون به ربّهم {فَمَا هُم مِّنَ المعتبين} أي ما هم بقادرين على إرضاء ربّهم لأنهم فارقوا دار العمل. اهـ.
|